تمغربيت:

بالنظر إلى حجم الحب والاهتمام بسيرة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه.. ارتأى موقع “تمغربيت” أن يخصص حلقات للإرث الذي تركه هذا الملك الاستثنائي.. وذلك من خلال القيام بعملية تفريغ لكتبه وفيديوهاته ومقولاته الخالدة، وهو ما من شأنه ترسيخ الوفاء لرموزنا وسلاطيننا الكرام.

وارتأينا أن نبدأ بمذكرات الحسن الثاني رحمه الله، من خلال تناول مواقفه التي دونها في كتاب “ذاكرة ملك”.. وهو عبارة عن حوار أجراه طيب الله ثراه مع الصحفي الفرنسي إيريك لوران.

وإليكم الحوار عبارة عن سؤال- جواب:

سؤال : أنتم يا صاحب الجلالة من مواليد سنة 1929 . ما هي الأحداث السياسية الأولى التي كان لها وقع في نفسكم؟

الجواب : تأثرت بحدثين. أولهما مر كلمح البصر . كان ذلك عام 1937 وكان عمري أنذاك ثماني سنوات .

كنت برفقة والدي وهو يزور باريس. جاء أصحاب الدراجات النارية لخفر سيارتنا من نزل ليجل نوار » بمدينة فونتنبلو » حيث كنا نقيم ، وتوجهنا إلى باريس، وعلى طول الطريق المؤدي إلى العاصمة أحاط بسيارتنا رجال الدراجات النارية. وأتذكر أننا ، بفضلهم اخترقنا العاصمة الفرنسية بسرعة كبيرة . لقد انتابني، وأنا مشدود إلى نافذة السيارة ، شعور غريب قريب من الخيال . كانت الأزقة والشوارع في باريس تكاد تكون خالية من المارة إلا ما كان من قوات كثيفة للشرطة كانت ترابط في عدة نقاط استراتيجية. وعندما وصلنا إلى نزل « كريون » طلبت من أحد المسؤولين أن يخبرني عما يجري ، فأنبأني وهو في حالة من القلق أن حركات اليسار ستنظم مظاهرات ضخمة لتأييد حكومة الجبهة الشعبية، في حين ستنظم أحزاب اليمين مظاهرات مضادة . وهكذا اكتشفت واقعاً سياسياً كنت لا أدركه من قبل.

أما الحدث الثاني، الذي أثر في أيضا، فيعود الى سنة 1940 . لقد لاحظت أنذاك لأول مرة حالة قلق تنتاب والدي . كانت الساعة تشير الى الخامسة عشية حين سمعنا عبر أمواج الإذاعة، خطاب المارشال بيتان الذي دعا فيه إلى ضرورة التوقيع على الهدنة . كان والدي يقوم بمقابلة في لعبة كرة المضرب فتوقف فورا عن اللعب وتوجه إلى مقر النادي حيث أحاط به عدد من الفرنسيين وهم يبكون لقد أصيب والدي بصدمة، أما أنا فقد شعرت أن النكسة التي حلت بفرنسا كانت بالتأكيد تمثل بالنسبة إليه حزنا عميقا .