تمغربيت:
بقلم الأستاذ: نجيب الأضادي
شيد النظام الجزائري طيلة عقود بنية مغلقة قائمة على أساطير يسجن كل من يخالفها.. أو يلجأ إلى الحقائق التاريخية لدحضها. ووفق منطق هذه البنية المغلقة التي حطبها القمع والتنكيل، ووفق هذه البنية فالكاتب بوعلام صنصال مجرد مرتد.. لأنه اختار أن يكون طائرا حرا خارج قفص حراس معبد الشهداء.. محلقا بأجنحة من كلمات.
ارتد صنصال..
لقد ارتد صنصال في نظر حراس الاصنام عندما واجههم بحقائق التاريخ ونطق بأن المغرب إمبراطورية.. والجزائر مجرد تجمع بشري بدون تاريخ ولا هوية. وزاد حنقهم عندما عرى حقائق حرب الرمال وفصل القول في حق المغرب في المطالبة بجزء من أراضيه وهي الصحراء الشرقية.. التي اقتطعها المستعمر الفرنسي من جسد الإمبراطورية الشريفة وألحقها بالجزائر لأنه كان يدرك أن المغرب يقترب من استقلاله بينما الجزائر أمامها وقت أطول، فطمع المستعمر في استغلال ثروات الحديد لمدة أطول.
كان هذا الكلام الذي فاه به بوعلام صنصال كافيا لوضع اسمه ضمن لائحة الاختطافات.. وربما كان يمكن أن يتسامح معه تبون أو شنقريحة عندما انتقد كل شيء داخل الجزائر لسنوات طويلة.. لكنه ارتكب في عرفهم الخطيئة الكبرى عندما جعلهم يرون وجوهم في مرآة التاريخ.
أكيد أن المختطف الحقيقي في قصة بوعلام صنصال ليس جسد الرجل المسن وحده.. بل هي حرية التعبير والحقيقة التاريخية، والنظام الجزائري بما انه لم يستطع أن يرتقي يوما إلى مستوى دولة تحتكم للقوانين، فأسلوبه لا يختلف كثيرا عن العصابات التي تغتال في واضحة النهار و تختطف من قلب المطارات.
لقد أصبحت الجزائر كارتيل شمال افريقيا ومواطنوها جميعهم في حالة سراح مؤقت.. يختطفون ويلقى بهم في غياهب السجون السرية إذا تحرك لسانهم أو عبروا عن فكرة أو حقيقة تاريخية.. وكان رشيد بوجدرة محقا عندما أدرج صنصال ضمن لائحة ” زناة التاريخ” وقدر أحسن بوجدرة الجواب من حيث قصد الإساءة.. فالنجاة من المهالك تتم بالاستماع إلى شطحات تبون والتصفيق لتراهاته والافلات من مقصلة محاكم التفتيش الجزائرية.
فرنسا ترد..
اهتزت فرنسا لاختطاف بوعلام صنصال الذي اختار اللغة الفرنسية وطنا قبل أن يستظل بسماء باريس فرارا من سعير ابناء جلدته.. من ذوي البزات العسكرية، بل حتى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عبر عن قلقه لاختطاف بوعلام صنصال وشاطره القلق فيلق من النخبة السياسية والثقافية الفرنسية.
لقد اصبح النظام الجزائري خطرا على الضمير العالمي وخطرا على الجزائريين انفسهم وخطرا على الإنسانية جمعاء.. لأنه بات اشبه بقاطع طريق متجبر يستقوي بسيفه على الجميع ويريق دم كل من يخالفه الرأي أو يرتدى جبة غير تلك التي يرتضيها له العسكر ومحاكم تفتيشه.
تعليقات
0