تمغربيت:
بقلم د. عبد الحق الصنايبي
وانا أتجول بين ربوع السوشيال ميديا، استوقفني مقال نشر على موقع جريدة “الشرق الأوسط” سنة 2018.. ويحمل عنوان “صادرات الملابس التقليدية المغربية للجزائر ترتفع ب 97 %”، بقلم الكاتب لحسن مقنع. وقلت مع لواعج خاطري؛ إذا كان القوم يدعون بأن القفطان هو تراث لا مادي جزائري، فكيف يُقبلون بهذه الشراهة على المنتوجات التقليدية المغربية.. وعلى رأسها، بطبيعة الحال القفطان المغربي؟؟
طبعا أنا هنا لا أريد ان أدخل في معطيات تاريخية أفاضت فيها كتب التاريخ.. والتي تقطع بأن القفطان ظهر، كاسم ولباس على عهد المرابطين وانتشر كلباس للسلاطين على عهد الموحدين.. بل وأن الرحالة المغربي ابن بطوطة ذكره في رحلته الشهيرة سنة 1327م عندما كان العثمانيون يبحثون بالكاد على تأسيس دولتهم فوق المجال الجغرافي للأناضول.
ولكن واقع الحال ومقال الاستنتاج يقطع بأن مصطلح “التراث اللا مادي” يحيل على الممارسات والتعبيرات والتصورات والمهارات التي انتقلت عبر العصور والأزمنة.. وانعكست على سلوك أمة معينة دون انقطاع في الممارسة والتعبير السلوكيين. وما علمنا عن جغرافيا الجزائر أنها كانت أمة بله أن تكون وطن راكم سكانه لما يطلق عليه ب “الإنجازات المشتركة”.
في هذا السياق، يجمع القاصي والداني على أن ساكنة جغرافيا الجزائر (بمسماها الحالي) كانت مرتبطة روحيا واجتماعيا واقتصاديا بالإمبراطورية الشريفة.. وحتى عندما دخل الاستعمار الفرنسي لم يجد أهل مزغنة من يبايعون ويتضرعون له إلا سلطان المغرب مولاي عبد الرحمن.. فكان المغرب هو الملاذ وطوق النجاة ومصدر المدد والأرزاق.. إلى أن انفصلت هذه “الجغرافيا المستباحة” عن الوطن الأم فرنسا.
النقاش إذا محسوم تاريخيا وتراثيا وحضاريا.. وما شطحات فقراء التاريخ إلا جزء من عملية إلهاء ممنهجة، الغرض منها تحويل أنظار الداخل الجزائري حول مكمن الداء وأصل البلاء.. والذي يبقى، حقيقة، نظام لم يحقق مقومات “شرعية الإنجاز”.. وبالتالي يبحث له على عدو وهمي لا يوجد إلى في مخيلة عسكر الثكنات وساكن قصر المرادية المغلوب على أمره.
تعليقات
0