توبة العاصي.. هذه شروطها، وحدودها (هشام جيراندو نموذجا)

الخميس 3 أبريل 2025 - 00:22

تمغربيت:

د. عبد الحق الصنايبي

إذا كان الإنسان قادرا على الكذب والمداراة وممارسة أسلوب التقية في وقت غابت فيه وسائل التواصل الاجتماعي.. وانحصر فيه الإعلام، إلا في حدود الكتابة الورقية والمعلومة الشفهية.. فإن الكذب يُصبح مستحيلا في زمن الذكاء الاصطناعي والمعلومة اللحظية، وسهولة الرجوع إلى الأرشيف بضغطة زر واحدة.

ويبدو أن بعض المخلوقات لم تستوعب بعد هذه الطفرة التي نعيشها اليوم، أو بالأحرى لم يعد لها مخرج إلا “المغامرة” بمواقف جديدة.. قد تدفع الناس إلى التصديق أو على الأقل إلى التجاوز، في مملكة تميزت بالمصارحة والمصالحة.. ووفية لتوجيه الحسن الثاني رحمه الله “إن الوطن غفور رحيم”.

نعم “الوطن غفور رحيم” مع المغرر بهم ومن سقطوا في شباك الأطروحة الانفصالية وغررت بهم الأجندات الأجنبية.. ولكن توبتهم كانت نصوح، ولم يرفعوا في وجه الدولة منطق “نجلسوا فالطابلة وشنو غادي تعطيوني ويلا ما كانتش ضمانات ما نسكتش”. هنا نحن لسنا أمام توبة نصوح وإنما أمام أسلوب الابتزاز والمساومة والتهديد.. وهو الأسلوب الذي لا يمكن أن تقبل به دولة تحترم نفسها. 

نحن إذا أمام شخص ضاقت به الأرض بما رحبت ولم يجد من وجهة تحتويه أو أرض تقبل به.. فتيقن بأن ملاذ المرء وطنه، وبأن لا تربة أقدس ولا أشرف من أرض الوطن. ورأى بأن التأليب على الملكية خدمة لأجندات لم تعد خافية على كل لبيب.. لا يمكن أن تنطلي على مغاربة يحبون ملكهم بقدر كرههم للفساد والمفسدين والمتجبرين والذي لا يقلون خبثا وخطرا عن الأعداء الكلاسيكيين للمملكة إن لم يكنوا أخطر منهم، وأشد فتكا.

إذا نحن أمام اختلاف في المرجعيات:

مرجعية مغربية تؤمن بالثوابت و ب “تمغربيت” وترى بأن التشبث بالثوابت لا يعني السكوت على بعض مظاهر الفساد والإفساد.. وتعتبر بأن فضح “المفاسد” هو جزء من الوفاء للوطن وللرموز وأداء لواجب العهد والطاعة.. وبين مرجعية انتهازية ووصولية ترى بأن لها نصيبا في “كعكةٍ ما”، وترفع شعار “يا لعّاب يا حرّام”، ولو تطلب الأمر إحراق الوطن وتهييج البسطاء وشق الصف.

إن المرجعية الوطنية تفرض على كل مغربي “عاصي” أن يخاطب الوطن بمنطق المخطئ التائب.. وبمنطق أن الدولة أكبر من الجميع وبأنه مواطن خاضع للرموز والثوابت. وأما أن يطالب الشخص بالجلوس مع الدولة إلى “طاولة المفاوضات” بمنطق “الند للند” (حسب مقولة عبد المجيد تبون)، وأن يساومها ويفاوضها.. فهذا هو الكبر وقلة العقل التي تورد صاحبها موارد التهلكة. 

فليعلم السيد هشام جيراندو ومن على شاكلته بأن الدول ذات السيادة هي من تكون ندا لبعضها البعض.. أما المواطن فهو جزء من أحد مكونات الدولة (الشعب)، لها عليه احترام القواعد القانونية والوفاء بواجب البيعة الشرعية والمشاركة في الدفاع والدود عنها مهما كلف ذلك من مال وأولاد ودماء.. وله عليها واجب الحماية وضمان مقومات العيش الكريم على الموسع قدره وعلى المقتر قدره.. والحرية والديمقراطية وفق ما قرره المشرع المغربي بموافقة صريحة من نواب الأمة.. 

غير ذلك فهو الخروج على الشرعية والافتئات على السلطان ومحاولة الاستعلاء على الدولة التي لا يمكنها في يوم من الأيام أن تكون ندّاُ للأفراد.  

 

تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Google News تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الخميس 17 أبريل 2025 - 16:27

إسبانيا تؤكد على موقفها الداعم للمغرب والجزائر تبلع لسانها

الخميس 17 أبريل 2025 - 12:30

هنغاريا تؤكد سيادة المغرب على صحرائه وتدعم الحل الأممي

الخميس 17 أبريل 2025 - 00:40

ضربة موجعة للأعداء: أمريكا تسلح المغرب بـ 600 صاروخ “ستينغر” لتعزيز سيادته الجوية

الأربعاء 16 أبريل 2025 - 16:40

كرواتيا تعترف بمصداقية الطرح المغرب: الجزائر وجبهة الوهم في موقف حرج!