مع مرور زهاء 5 أشهر على اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي سقط خلالها قرابة 30 ألف شهيد فلسطيني حتى اللحظة وفق الإحصاءات الرسمية، يتجدد السؤال حول سر الوحشية التي تتعامل بها دولة الاحتلال الإسرائيلي مع قطاع غزة وسكانه، والتي يبدو معها أنها لا ترغب فقط في تحقيق نصر عسكري -لا تزال أبعد ما يكون عنه- ضد المقاومة الفلسطينية، بقدر ما ترغب في إبادة هذه البقعة الصغيرة من الأرض، بمعالمها وبيوتها وأهلها.
لماذا هذا الحقد الإسرائيلي الدفين ضد قطاع غزة وسكانه؟ هذا ما يجيبنا عليه الفيديو التالي من ميدان الذي يأخذنا في جولة سريعة في التاريخ الحديث لقطاع غزة منذ وطأ الصهاينة أرض فلسطين، لنكتشف أن معضلة الاحتلال الإسرائيلي مع غزة تحديدا تعود إلى عهد ما بعد النكبة مباشرة، حين تقلصت مساحة القطاع بعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948 إلى حوالي 1.3% من مساحة فلسطين التاريخية. غير أن هذه البقعة الضيقة جدا، كُتب لها أن تستضيف أكثر من 200 ألف من لاجئي النكبة، ما يفوق ضعف عدد سكانها الأصليين، لتضيق ذرعا بساكنيها وتبدأ المحاولات المبكرة لإعادة توطينهم، وتبدأ معها بذور مقاومة مشتعلة لم تنطفئ إلى اليوم.
شاهد الفيديو
فبُعيد قيام ثورة يوليو 1952 في مصر (حيث خضعت غزة للإدارة المصرية بعد النكبة)، انفتح النظام الجديد على مشروع طرحته وكالة الأونروا تُقدم فيه مصر نحو 50 ألف فدان شمال غرب سيناء للوكالة لإعادة توطين 12 ألف أسرة، وهو ما قوبل برفض فلسطيني قاطع، وضغوط على مصر التي حولت موقفها نحو دعم بذور المقاومة الفلسطينية المسلحة في القطاع، التي بلغت ذروتها عامي 1955 و1965 لترد إسرائيل بعملية عسكرية عٌرفت باسم “السهم الأسود” قتلت خلالها 38 جنديا مصريا على الحدود، قبل أن تشارك في عملية عسكرية واسعة للسيطرة على سيناء وقناة السويس بصحبة بريطانيا وفرنسا ضمن ما عُرف تاريخيا بالعدوان الثلاثي.
وبعد فشل العدوان، اضطرت إسرائيل للانسحاب من القطاع تحت ضغوط دولية، لكن حلم السيطرة عليه لم يفارقها، لتعاود عدوانها وسيطرتها عليه من جديد خلال حرب عام 1967 وهي السيطرة التي استمرت حتى عام 2005، حين اضطر الاحتلال للانسحاب أحاديا من القطاع في عهد أرييل شارون، بعد أن حولته المقاومة إلى جحيم لجنود الاحتلال ومستوطنيه. يكشف لنا فيديو ميدان كيف نمت المقاومة الفلسطينية وترعرعت وطورت ترسانتها من الأسلحة تحت رقابة الاحتلال، وبعد رحيله، لتستمر منذ ذلك الحين حروبه الدموية الهادفة إلى إخضاع غزة وسكانها واستئصال مقاوميها، ولا تعد عملية طوفان الأقصى إلا حلقة ضمن حلقات التاريخ الملحمي والبطولي لنضال غزة وأهلها، وفي المقابل، تظل الحرب الحالية أحد التجليات الأكثر قسوة للوحشية الإسرائيلية المستمرة منذ النكبة وحتى اليوم.
تعليقات
0