- تمغربيت:
وفاء لروح الحسن الثاني رحمه الله، نواصل سرد مذكراته والتي دونها في كتابه “ذاكرة ملك”.. وهو عبارة عن حوار أجراه طيب الله ثراه مع الصحفي الفرنسي إيريك لوران..
سؤال : في أي وقت شعرتم بشخصيتكم المميزة ووعيتم الدور الذي ينتظركم؟
جواب : لقد شعرت بهذه الشخصية المتميزة منذ صباي، عندما اكتشفت الوسط العائلي والتشريفات المضنية أحيانا، والأسوار العالية للقصور التي ترعرعت داخلها ، حيث كنت أشعر أحيانا بالعزلة.. وبعد ذلك أصبح لهذا التفرد ما يبرره عندما شرح لي لماذا تتعين تنشئتي بهذا الشكل.. لقد اكتشفت أنني أهيأ لدور ما. وهكذا تنامي وعيي تدريجياً، وكان لوالدي في ذلك دور حاسم .
وذات يوم لم أتقن عملي، فاستدعاني والدي إلى غرفته، كان يرتدي ثيابه استعدادا لأداء صلاة الجمعة.. لقد فاجأني بهذا السؤال : هل ترضى أن يتفوق عليك شخص آخر في كل شيء ؟ فأجبت : “بل أوثر ألا يحدث ذلك” فقال : “بلى ، إذا تعلق الأمر بابنك وأضاف والدي : “عليك إذن أن تعلم أنني أحب أن أكون الأفضل، لكني سأكون أسعد الناس حينما ستصبح أفضل مني”.. وهنا انتهى الحديث وعاد والدي إلى ما كان بصدده.. لقد كان عمري آنذاك ثمانية أعوام.
سؤال : حتى لو كان المرء مهياً للحكم فإنه عندما يتسلم مقاليده يحس بالصعوبة؟
جواب، في الحقيقة لا يكون الإنسان أبدا مهياً للحكم، لأن هناك دائما هوة حقيقية لا بد من تخطيها. ولما توفي أبي صرت كالميت الحي لأنني دفنت ولي العهد.
سؤال : ماذا دفنتم؟
جواب : حريتي ، وكذلك الشعور بأني محمي بمظلة الراعي كيفما كانت الأحوال. لقد وجدت نفسي فجأة في مواجهة مصيري، فكان علي أن أعيد بناء كل شيء بما في ذلك أسلوب حياتي كنت حتى ذلك الوقت أعيش حياة العزوبة طليقا حراً كالهواء.. لا أتقيد إلا بالمواقيت التي كان والدي يرى إلزامي بها. أما ارتقاء العرش فشبيه بوضع صاروخ ذي طابقين، بحيث يتعين على المرء أن ينسحب من الطابق الأسفل طالما أنه يستهدف الوصول إلى المدار والتأهب للتخلص من الجاذبية. إنه المسار الذي يقتضي التضحية بالعديد من الأشياء.
تعليقات
0