تمغربيت:

وفاء لروح الحسن الثاني رحمه الله، نواصل سرد مذكراته والتي دونها في كتاب “ذاكرة ملك”.. وهو عبارة عن حوار أجراه طيب الله ثراه مع الصحفي الفرنسي إيريك لوران.. 

في هذه الحلقة سنتناول كيف كان دوغول يتعامل مع محمد الخامس.. خاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.. وهو التعامل الذي يعكس قيمة وقامة شخصية من قيمة المغفور له بإذن الله محمد الخامس طيب الله ثراه.

سؤال : وماذا كان موقف الجنرال دوغول سنة 1945؟

جواب : سافرنا إلى فرنسا مباشرة بعد التحرير، حيث قمنا بتلك الرحلة على متن الطراد (لا كلوار). وأنا يومئذ في الخامسة عشرة من عمري ، وطيلة تلك الرحلة التي دامت يومين ونصف اليوم، مكثت وحدي في غرفتي بالسفينة أنسخ بيدي مذكرة من نحو أربعين صفحة. يتعلق موضوعها بمستقبل المغرب. إنها المذكرة التي كان والدي يعتزم تسليمها للجنرال دوغول.. وهي المذكرة التي حررت بمساعدة أقطاب الحركة الوطنية الذين لم يكونوا قد اعتقلوا بعد. كان ضروريا ألا يتعرف أحد على خط أي واحد منهم، لذا أنيطت بي مهمة النسخ. لقد كنت في وضع التلميذ الذي يطبق على نفسه عقوبة مدرسية، أو كأني كنت أتلقى بسرعة خارقة درسا عظيما في مادة التاريخ. كنا في تلك الفترة نقيم بقصر تاليران ، المعروف بالقصر الوردي الواقع بشارع فوش بباريس. وهناك قابل والدي الجنرال دوغول وسلمه المذكرة ذات الأربعين صفحة بعد أن كنت قد أتممت نسخها.

قال الجنرال لوالدي : « جلالة الملك . لست في الوقت الراهن إلا رئيسا لحكومة مؤقتة للجمهورية. وعندما ستناط بي مسؤولية تصريف الأمور.. فكونوا على يقين من أنني سأولي الاعتبار لهذه المذكرة. ومع ذلك سأبرهن لكم منذ الآن على صدق نيتي . لقد طلبتم يا جلالة الملك، ثلاثة أشياء. أولها ألا يبقى بيو مقيما عاما . وسأحقق رغبتكم بعد أيام، وثانيها أن يعود الزعيمان الوطنيان علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني من منفاهما . وأعدك أنهما سيعودان بعد بضعة أسابيع.. أما ثالثها فيتعلق بإطلاق سراح الحاج أمين الحسيني مفتي القدس. بعد ان تعامل مع الألمان طيلة الحرب . ورد والدي قائلا : « إنني لا أعرفه شخصيا ولكنه ابن عمي ، ومكانته الدينية مرموقة . وليس من مصلحة فرنسا في شيء أن تعاقبه . لذلك أرجوكم العفو عنه فقال دوغول : “لكم ما طلبتم يا جلالة الملك”.