تمغربيت:
عرفت المملكة الشريفة.. عبر تاريخ المغرب المجيد عدة حروب ومعارك طاحنة، وهذا بحكم موقعها الاستراتيجي.. بحيث تعتبر بوابة نحو أوروبا وإفريقيا في نفس الوقت، موقع جعل من بلدنا محط أطماع، وكما ساهمت هذه البيئة في جعل طبيعة الإنسان المغربي.. فارس مقدام ومغوار لا يشق له غبار، وقد أبان عن قوته وهيبته في عدة معارك.. كتبت حروفها بمداد من ذهب.
كان للفارس المغربي صولات وجولات في ميادين الحرب.. صنع فيها حضارة وأمجاد لا مثيل لهما، وحافظ فيها على هوية “تمغربيت”.. رحيق أكثر من 12 قرن من الضياع والاندثار.
فقد ساهمت هذه التراكمات.. في صناعة فرسان وأبطال خلدوا لنا ملاحم لا يمكن نسيانها، كما لا يمكن تفسيرها أو تحليلها بحيث أنها لا تخضع للمنطق، وسنحاول في هذه الأسطر تحليل مصدر قوة الفارس المغربي.. علماً أن جميع معاركنا التاريخية.. لم يكن فيها تفوقنا العددي حاضراً، فأغلبها كانت فيها جيوشنا اقل بكثير من جيوش الخصم.
بطش الفارس المغربي في المعارك
ونتحدث هنا عن معركة وادي لكة.. للبطل المغربي طارق بن زياد، والتي فتح بها بلاد الأندلس بجيش تعداده 12 ألف جندي مغربي فقط.. مقابل أكثر من 30 ألف جندي قوطي، كما أن معركة بقدورة والتي انتصر فيها الفارس المغربي عن خيرة فرسان الشام، ومن كانوا يشكلون العمود الفقري للدولة الاموية آنذاك.. حيث زحفوا للمغرب بجيوش تفوق 30 ألف جندي حسب المصادر التاريخية، إلاّ أننا انتصرنا فيها مرتين فجاء الانتصار الأول لاسترجاع الكرامة.. والانتصار الثاني طردنا لفيه اأمويين دون رجعة، فقد كانت هزيمة قاسية هدمت أركانها وساهمت في انهيارها.
وكما كانت لمعركة المرينيين.. ضد دون نونيو دي لارا أمام جيوش قشتالة القائد الذي كان مصدر فخر جيوش أوروبا المسيحية فأذاقه المغرب الذل والهوان وألحق بهم هزيمة نكراء، فحسب بعض المصادر التاريخية.. والتي ذكرت أن جيوش قشتالة كانت تفوق 90 ألف.
ووصولا لمعركة واد اللبن ضد العثمانيين، والتي إنتصرنا فيها على الجيوش الإنكشارية الجرارة.. في أوج قوتها وتوهجها، والتي كانت هيبة اسم الإنكشارية.. ممكن أن تعطي نصراً للترك، قبل الدخول إلى ساحة المعركة.
كما كانت لمعركة وادي المخازن صدى واسع وصلت إلى المشرق، بحيث أقبر المغاربة حلم سيباستيان ملك البرتغال في تنصير شمال إفريقيا، فلم يكن للنصر أن يكتمل دون تلاحم المغاربة وملكهم، فللتاريخ عبر وحكم، وهو منجم زاخر بالدروس.. التي قد نجد فيها مفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا. لأن دراسة تاريخ المغرب يقدم لنا حلول لواقع الحال اليوم.
المعارك تصنع الجبال ونصيحة الحسن الثاني رحمه الله
لقد ساهمت انتصاراتنا في صناعة هيبة الإنسان المغربي، فقد كانت جيوشنا يُضرب لها ألف حساب، كما كانت سبب قوة وشراسة الفارس المغربي في ساحة الميدان.. نابعة من حبه لأرضه، وغيرته على عرضه ووطنه وهويته، وهنا يجب أخد العبرة.. وأن نستحضر كلمات الحسن الثاني رحمه الله ” إوا أسيدي لمغاربة اليوم، مغاديش يكونوا قل من مغاربة ديال لبارح، ولكن إذا كان هاد الشعب المغربي.. أقل وطنية وأقل غيرة من أباءه وأجداده.. ومن الناس اللي عرفتهوم، واللي هما من الجيل ديالي.. أنا تنقولوا حذاري حذاري را متنعطيكشي أكثر من 5سنين.. حتى ترجع مقلص الظل، ضعيف الكلمة.. وضعيف الوزن”.
فأجدادنا رحمهم الله.. كانت أرواحهم فداء للوطن رخيصة أمام التراب، فجهادنا اليوم أسهل بكثير من جهادهم بالأمس، وهو يتطلب منا فقط روح وطنية عالية، وتلاحم أكثر للحفاظ على الكينونة، وكسب المناعة أكبر ضد التيارات التي يمكن أن تعصف بهوية “تمغربيت”.
تعليقات
0