ولاية الفقيه والسلاح النووي: كيف تهدد إيران العالم باسم “الخلاص الإلهي”؟

الخميس 26 يونيو 2025 - 23:17

تمغربيت:

بقلم الأستاذ مصطفى البختي 

تمتنع الدول المسلحة نوويًا عن استخدام القنابل الذرية من أجل الحفاظ على الذات وتوازن القوة.. تحت افتراض “التدمير المتبادل المؤكد”. ولهذا، فإن امتلاك أي دولة أخرى أسلحة نووية يُعدّ مصدر قلق، باعتباره تهديدًا يصعب على العالم التعامل معه.

فيما يخص الطموحات النووية الإيرانية، وسعيها الحثيث لإكمال المشروع النووي.. وجهودها المستمرة للحصول على التكنولوجيا النووية ولو “لأغراض سلمية فقط” لاستخدامها في الأبحاث العلمية وإنتاج النظائر المشعة للأغراض الطبية والزراعية، فإن هذه الطموحات تُعد مصدر قلق خطير.

فالنظام الإيراني لا يُقاس بموازين السياسة وحدها.. بل يخضع لولاية الفقيه كفكرة ميتافيزيقية فوق زمنية، تُجسّد “العدل الإلهي”، وتُقدَّم كطريق خلاص أممي للمسلمين الشيعة.

هي عقيدة تتوسل الغيب (المهدي المنتظر)، وتؤمن إيمانًا مطلقًا بامتلاك الحقيقة والخلاص، وتتجاوز جغرافية الدولة الإيرانية، معتبرةً أن حدودها مرحلة مؤقتة ضمن مسار التمدد الشيعي عبر شبكة من الوكلاء في لبنان والعراق وسوريا واليمن ومناطق أخرى، بهدف تأسيس لاهوت مسلح يدين بالولاء للـ”ولي الفقيه”، بديلاً عن الولاء الوطني، ويُكرّس الفوضى باسم “الحق الإلهي”.

طموح إيران لحيازة السلاح النووي يُنظر إليه كوسيلة لإرساء ما تُسمّيه “الحضارة الإيرانية الكبرى”، حيث تعتبر التكنولوجيا النووية ركيزة أساسية من ركائزها. غير أنه يُعبّر، في العمق، عن امتداد لنزعة ولاية الفقيه المتطرفة لفرض الهيمنة، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط، عبر تقويض المجتمعات من الداخل، وتحت راية “الخلاص الإلهي”.

ورغم أن التقييمات الدولية، بما فيها تقييمات الاستخبارات الأمريكية، تُشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني ليس مسلحًا حاليًا.. إلا أن الشكوك والمخاوف قائمة بسبب افتقار إيران للشفافية، وسلوكها المخادع أحيانًا، وخرقها التزاماتها وفقًا لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي، أو تقدمها السري في تخصيب اليورانيوم وتطوير البنية التحتية النووية، بما قد يُمكّنها من صنع قنبلة نووية.

وقد جُوبهت هذه الطموحات بعراقيل دولية، حيث أصدر مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم 12 شتنبر 2003، قرارًا يُلزم إيران بـ”الوقف الفوري والكامل” لكافة أنشطتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم.

وفي 23 دجنبر 2006، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1737، الذي يمنع أي دولة من تزويد إيران بأي معدات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في أنشطتها النووية أو البالستية، كما جُمّدت أصول عشر شركات و12 شخصًا مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني.

وفي إطار استراتيجي دقيق لتقويض قدرات إيران النووية والعسكرية، شنّت الولايات المتحدة وإسرائيل هجومًا مشتركًا على مواقع استراتيجية ومنشآت نووية إيرانية.. في نمط يُشبه “الهجوم السيبراني الميداني”، دون التسبب في تسرب إشعاعي، عبر استراتيجية “الإبطاء دون الانفجار”، التي تهدف إلى تعطيل البنية التشغيلية وإخراجها من الخدمة. وقد أسفرت العملية عن شلل في البنية التحتية النووية الإيرانية، وأنظمة الدفاعات الجوية والقيادة العسكرية.

إن طموحات إيران النووية تأتي في انسجام مع مشروعها التوسعي المُؤطر بخطاب ديني عقائدي.. يندرج ضمن “العقيدة الألفية” التي تؤمن بأن العالم يسير نحو صدام نهائي بين الخير والشر، خلاصه يأتي من الإله.

هذا ما يثير مخاوف حقيقية من أن إيران، التي تحتضن الفوضى كأداة للنفوذ.. قد ترى في استخدام السلاح النووي وسيلة لخلاص أممي وفق عقيدة “ولاية الفقيه”، باعتبارها التجسيد المنتظر للمهدي، والركن المقدس دينيًا، الذي قد يُنذر بنهاية العالم.

تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Google News تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 11 يوليو 2025 - 00:25

بريطانيا تحسم موقفها: لا مفاوضات حول الصحراء إلا مع المغرب كدولة ذات سيادة

الخميس 10 يوليو 2025 - 19:30

المغرب أولا.. غزة في قلوبنا والمغرب في عروقنا

الأربعاء 2 يوليو 2025 - 00:53

مالي تعلن مقتل القيادي الجزائري “أبو دحداح” وتضرب خلايا داعش في الساحل

الأربعاء 2 يوليو 2025 - 00:41

623 شركة تغلق أبوابها بجنوب إفريقيا بسبب ركود اقتصادي وشركات كبرى تواجه الإفلاس