بوريطة: البحر رافعة سيادية وتنموية للمغرب

الأربعاء 27 أغسطس 2025 - 22:34

تمغربيت:

أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المغرب اختار عبر تاريخه أن يكون بلداً بحرياً، في وقت فضّلت فيه العديد من الدول الساحلية الابتعاد عن البحر رغم ما يمثله من تحديات كبرى. وأبرز أن امتلاك ساحل لا يكفي لوصف الدولة بأنها بحرية، بل يتطلب الأمر إدماج البعد البحري في الرؤية الجيوسياسية، وهو ما تحقق بوضوح تحت قيادة الملك محمد السادس نصره الله.

وخلال افتتاح مؤتمر دولي بالرباط حول “الممارسات الدولية في تحديد المجالات البحرية”، أوضح بوريطة – في كلمة تلاها نيابة عنه رئيس ديوانه سامي المراكشي – أن المغرب جعل من فضاءاته البحرية جزءاً لا يتجزأ من سيادته بعد الاستقلال، حيث أُسست البحرية الملكية سنة 1960، وتبعتها مؤسسات وهيئات عززت هذا التوجه مثل المكتب الوطني للصيد البحري (1969)، وإعلان المياه الإقليمية ومنطقة الصيد الحصرية (1973)، وصولاً إلى إقرار المنطقة الاقتصادية الخالصة سنة 1981، ثم التشريعات الخاصة بالجرف القاري سنة 1992.

وأشار الوزير إلى أن هذا المسار تزامن مع التحولات العالمية التي عرفتها سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في مجال ترسيم الفضاءات البحرية، مؤكداً أن المغرب انخرط بقوة في دينامية الأمم المتحدة الخاصة بقانون البحار.

إصلاح تشريعي وترسيخ للسيادة

وأوضح بوريطة أن المغرب أودع سنة 2017 معطيات أولية لدى لجنة حدود الجرف القاري، في خطوة سياسية بقدر ما هي تقنية، كما اعتمد في 2020 قانونين أساسيين يتعلقان بتحديد المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة. هذه الخطوات، حسب المتحدث، تعكس رؤية شاملة لتحديث التشريعات وضمان الانسجام مع اتفاقية مونتيغو باي (1982)، مؤكداً أن المغرب يطبق في البحر نفس مبدأ الوحدة الترابية المكرس على اليابسة، وخاصة في أقاليمه الجنوبية.

كما شدد على أن المغرب يعتبر قانون البحار أداة للشرعية والتوازن، ويرفض أي مقاربة أحادية في ترسيم الحدود، مفضلاً الحوار والتفاهم، مستشهداً بمسار التفاوض القائم مع إسبانيا الذي يُدار بروح حسن الجوار والمصلحة المشتركة.

البعد التنموي والجيوستراتيجي

وأضاف بوريطة أن الرؤية الملكية لا تختزل البحر في منطق السيادة، بل تعتبره رافعة للتنمية والاندماج القاري. فقد دعا جلالة الملك، في خطابه بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، إلى تثمين الفضاء البحري كقطب للتنمية في اتجاه إفريقيا. ومن هذا المنطلق، أطلق المغرب مشاريع كبرى مثل ميناء طنجة المتوسطي الذي أصبح منصة لوجستية عالمية، وميناء الداخلة الأطلسي المنتظر أن يشكل بوابة استراتيجية نحو القارة السمراء، إلى جانب إعادة إحياء أسطول وطني للنقل البحري.

وعلى المستوى الدولي، أبرز الوزير المبادرات الكبرى التي أطلقها الملك، ومنها “مسار الرباط” الذي يجمع 23 دولة إفريقية أطلسية حول الأمن البحري والتنمية الزرقاء، والمبادرة الملكية لتمكين دول الساحل من الوصول إلى الأطلسي، إضافة إلى مشروع أنبوب الغاز الإفريقي–الأطلسي مع نيجيريا.

البحر جسر للتواصل وليس خطاً فاصلاً

وختم بوريطة بالتأكيد على أن مقاربة المغرب تقوم على ثلاثة مرتكزات: اعتبار البحر فضاءً للاتصال لا للانفصال، استثماره في إطار شراكات بناءة وليس بدوافع دفاعية ضيقة، والتعامل مع اتفاقية قانون البحار كنص ديناميكي قابل للتطوير لمواجهة التحولات البيئية والتكنولوجية.

تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Google News تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الخميس 16 أكتوبر 2025 - 23:21

دي ميستورا يحذر من تصاعد التوتر ويدعو لجولة مفاوضات الصحراء 2025

د-سالم-الكتبي
الأحد 12 أكتوبر 2025 - 19:32

الملك محمد السادس.. ضمير الوطن ونبض المواطن

الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 19:33

الجنرالات الجزائريون يهربون من الإقامة الجبرية.. ومصير مجهول ينتظر النظام العسكري

الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 19:26

الشراكة المغربية السنغالية: آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي