تمغربيت:
في موقف دبلوماسي واضح وحاسم، أكدت وزارة الخارجية البريطانية أن المملكة المتحدة لا تعقد اتفاقيات تجارية إلا مع دول ذات سيادة، في إشارة مباشرة إلى أن أي تعامل مستقبلي بخصوص الصحراء سيتم حصراً مع المملكة المغربية، دون أي اعتبار لكيانات غير معترف بها، كجبهة “البوليساريو”.
وجاء هذا الموقف في جواب رسمي قدّمه هاميِش فالكُونر، ممثل وزارة الخارجية البريطانية، على سؤال برلماني للنائبة كيم جونسون. وقد أوضح فيه أن “المملكة المتحدة تُجري مفاوضاتها التجارية وفقًا للقانون الدولي ومع دول ذات سيادة”، مضيفًا أن الفريق البريطاني المكلف بالأعمال والتجارة في المغرب يشتغل على مشاريع تحقق قيمة اقتصادية مضافة لبريطانيا.
وأكد المتحدث أن اتفاقية الشراكة بين الرباط ولندن تُطبق بما يتماشى مع موقف بريطانيا من قضية الصحراء، مشيراً إلى أن مسؤولين بريطانيين يواصلون عقد لقاءات مع ممثلين صحراويين في إطار نقاشات شاملة، دون أن يتضمن ذلك أي شكل من أشكال الاعتراف بالجبهة الانفصالية.
هذا الموقف ينسجم تمامًا مع التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي وصف مبادرة الحكم الذاتي المغربية بـ”الأكثر جدية ومصداقية وواقعية”، مؤكداً دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم لهذا النزاع.
وقد تزامن هذا التحول اللافت مع عقد الدورة الخامسة للحوار الاستراتيجي المغربي البريطاني في الرباط، وهو لقاء وصفه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بـ”التحول التاريخي”، نظرًا لمكانة بريطانيا كعضو دائم بمجلس الأمن، وانضمامها إلى قائمة الدول الكبرى الداعمة للمبادرة المغربية، إلى جانب الولايات المتحدة، فرنسا، وإسبانيا.
واعتبر الخبير السياسي رشيد لزرق، في تصريح لـ”الصحيفة”، أن الموقف البريطاني الجديد يشكل “كسراً لجدار التردد الأوروبي”، ويرسل رسالة ضغط لباقي القوى الدولية لمراجعة مواقفها بشأن نزاع الصحراء.
وعلى المستوى الاقتصادي، أشار البيان المشترك الصادر عن الحوار الاستراتيجي إلى أن “الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات” قد تدرس دعم مشاريع في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في إطار برنامج تمويلي قد يصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني، مما يعكس رغبة لندن في توسيع استثماراتها في الصحراء المغربية.
كما شدد البيان على أن بريطانيا تعتبر المغرب بوابة حيوية للتنمية في القارة الإفريقية، وتعهدت بتعزيز التعاون معه إقليمياً وقارياً، بما يعزز مكانة الرباط كفاعل محوري في شمال إفريقيا.
وفي ختام اللقاء، جددت لندن دعمها للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، مؤكدة استعدادها للتعاون مع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، ومع كافة الأطراف المعنية، وفقاً لمبادئ التوافق واحترام ميثاق الأمم المتحدة.
ويُعد هذا الموقف البريطاني بمثابة رسالة واضحة مفادها أن زمن الغموض قد انتهى، وأن المملكة المغربية وحدها تملك شرعية التفاوض حول مستقبل أقاليمها الجنوبية، في ظل الدينامية الجيوسياسية المتغيرة والتحولات المتسارعة في موازين القوى الدولية.
تعليقات
0