تمغربيت:
بقلم الأستاذ: ياسين فرحات
مع اشتداد المواجهة بين إيران وإسرائيل، يعيد بعض أبناء الأمة السؤال ذاته: من نؤيد؟.. وكأن التاريخ لا يعلّم، وكأن الدم لا يكفي دليلاً. فريقٌ يرى في إيران خصمًا لإسرائيل، فيتوهّم أنها تمثّل “الإسلام المقاوم”. وفريقٌ آخر يعتبر إيران عدوةً مباشرة، فينحاز – ولو بالصمت – إلى إسرائيل.
وفي كِلا الموقفين ضياع للبوصلة، وخسارة أخلاقية وسياسية كبرى. وأنا أقول: لماذا هذا الانجرار الأعمى؟ لماذا نشعر أننا مضطرون للاصطفاف بين نظامين ظالمين؟.. هل أصبحنا عاجزين عن بناء موقف ثالث، مستقل، نابع من قيمنا ومصالحنا؟
فلننظر إلى إسرائيل: دولة احتلال قامت على الاغتصاب، التهجير، القتل، والتطهير العرقي. نظام يستهدف المدنيين، يحاصر الأبرياء، ويصادر الأرض والكرامة منذ عقود. كل ذرة حرّة في ضمير هذا العالم ترفض مشروعها العنصري، الاستعماري، الاستئصالي. لكن هل إيران هي النقيض الأخلاقي؟ بل هي، بنسختها “الثورجية”، الوجه الآخر للدمار.
إيران.. نظام الشعارات والعنصرية
على الجانب الآخر، نظام لا يعرف من الإسلام إلا شعاراته، ومن المقاومة إلا استغلالها. منذ عقود، وأيدي الحرس الثوري ملطخة بدماء الأبرياء في سوريا والعراق واليمن ولبنان. نظام يُصدّر الطائفية بدل التوحيد، الموت بدل الحياة، والخرافة بدل العقل.
بل أكثر من ذلك، نحن المغاربة لنا تجربة مباشرة، حيّة، مع خبث هذا النظام. فنحن لم نعتدِ على إيران يومًا، لم نهدّدها، لم نُرسل جنودًا لقتالها.. ومع ذلك امتدّت إلينا يدها القذرة عبر البحر والصحراء، تدعم انفصاليي “البوليساريو”، تُمكّن خصوم وحدتنا الترابية.. وتنسّق مع الجزائر في السرّ والعلن، مستهدفة وحدة المغرب واستقراره.
فأيّ “إسلام” هذا الذي يحرض على تفتيت أوطان المسلمين؟ وأيّ “مقاومة” هذه التي تمرّ عبر دعم الانفصال، والميليشيات، والخرافات الطائفية؟ لهذا، نقولها بوضوح: لا إسرائيل تمثّلنا، ولا إيران تعبّر عنا. كلاهما مشاريع هيمنة، وكلاهما أدوات موت وتمزيق. ولعلّ ما يُقلقني ويؤلمني أكثر من القنابل والصواريخ، هو ما يُزرع بهدوء في العقول والنفوس:
التسلل العقائدي الخبيث
أنا لا أخشى على هذه الأمة من الأسلحة الأمريكية أو الإسرائيلية.. فالسلاح مهما بلغ من دمار، فله أجل وينتهي أثره. ألم تنهض ألمانيا من تحت الركام؟ ألم تُبعث اليابان من رماد القنابل؟ لكنّ ما أخشاه حقًّا هو هذا التسلل العقائدي الهادئ، هذا الخطر الفكري الزاحف.
أخشى على أمّتنا من الأفكار المضلّلة، من الخرافات التي تلبس لباس الدين، من عقائد التشيّع السياسي التي تُنشر بصمت بيننا.. وتنخر في هويّتنا من الداخل. تلك الأفكار لا تُدمّر جسدًا، بل تشوّه عقلاً، وتشوّش إيمانًا، وتُربك البوصلة لقرون. ذلك هو الخطر الحقيقي.. خطر يبتسم، يهمس، ويغرس خنجره في العمق.
أيها العرب، أيها المسلمون، أيها الأحرار: لا تجعلوا من أنفسكم وقودًا لحروب لا شرف فيها. لا تسمحوا للتاريخ أن يُكرّر نفسه فوق أشلاءكم، وأنظمة الاستبداد تعبث بدمائكم ومصائركم. إننا لا ننتصر حين ننحاز لطرفٍ ضدّ طرف، بل ننتصر حين ننحاز للحقّ وحده، للحرية وحدها، للكرامة وحدها. ودعاؤنا أن يُهلك الله الظالمين بالظالمين، وأن يُجنّب الشعوب ويلات الطغيان، وأن يقي المغرب وأمّته شرّ الفتن العابرة للقارات، والمشاريع العابرة للضمائر.
اللهم آمين للاسف فعلا نحن في زمن الاستقطاب يا اما ان تكون معنا او ضدنا الاستقطاب الفكري والديني والسياسي أصبح العملة الرائجة واي راي ثالث يصبح هرطقة وتجذيفا وبدعة فاللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين ومعهم الدولة الوظيفية الجزائر الفرنسية 🤲🤲