تمغربيت:
د. عبد الحق الصنايبي
إن المتابع لتاريخ العلاقات بين قناة “الجزيرة” و”إسرائيل” تتولد لديه القناعة بأن مستوى الود والتعاون بينهما وصل إلى مستويات من التنسيق الاستراتيجي في المواقف والأهداف. وذلك رغم بعض الانتقادات الإسرائيلية للجزيرة، إلا أنها تبقى مجرد محاولات من تل أبيب “للنفخ” في سمعة القناة التي فقدت، بشكل كبير، ذلك البريق الذي رافقها عند انطلاقها 1996.. فيما رأى البعض في هذه الفرقعات الإعلامية مجرد ترتيبات متفق عليها سلفاً بين الدوحة وتل أبيب.. خصوصا مع تصاعد الأصوات المعارضة لرئيس الجكومة اليمينية والمطالبة برأسه لضلوعه في العديد من ملفات الفساد.
تحذيرات إسرائيلية من المساس بالقناة القطرية:
لقد كشفت العديد من القرائن والشهادات، في الداخل “الإسرائيلي” وخارجه، عن الرضا التام الذي عبرت عنه دولة الاحتلال اتجاه قناة الجزيرة.. والتي مكنت صانع القرار الإسرائيلي من دخول ملايين البيوت العربية ومخاطبة الرأي العام الدولي.. والدفاع عن الجرائم التي تورط فيها الكيان الأزرق ولم يجد منصة إعلامية أفضل من “الجزيرة” لتبرير أعماله الوحشية وسياسته الإجرامية والاستئصالية اتجاه الشعب الفلسطيني، والذي تدعي القناة الدفاع عن مصالحه.
وفي خطوة تكشف عن حجم التنسيق بين الدوحة وتل أبيب، كشفت وسائل إعلام “إسرائيلية”، بتاريخ 17 أغسطس 2017، أن الخارجية الإسرائيلية دافعت عن وجود مكتب “الجزيرة” في العاصمة تل أبيب.. وحذرت بشدة من فرض أي عقوبات ضدها، كما دفعت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في نفس الاتجاه، بعد أيام من نية نتانياهو إغلاق مكتب القناة بإسرائيل.. وذلك من خلال الدفاع عن القناة القطرية، مؤكدة، في هذا الصدد، أن المنصة الإعلامية “المثيرة للجدل”، حسب تعبيرها، قدمت للعرب صورة “متوازنة” و”متنورة” عن إسرائيل بفتح منابرها أمام القادة والمسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين.
في نفس الاتجاه ذهب مدير شعبة الوحدة “8200” التابعة لجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية، ليؤكد على نفس القناعة لدى صانع القرار “الأمني” في “إسرائيل.. من خلال تصريحات لموقع “والا” الإخباري الإسرائيلي، عبر من خلالها عن اعتراض الأجهزة الأمنية على نية نتانياهو غلق مكتب الجزيرة في إسرائيل.
صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، كان قد نقلت منذ سنوات، عن مسؤولين كبار في وزارة الخارجية، تحذيرهم لديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، من مغبة فرض عقوبات على قناة الجزيرة.. وما قد ينعكس جراء ذلك من تأثير على مكانة إسرائيل الدولية. كما نقل موقع الجزيرة الإخباري عن الصحيفة الإسرائيلية ذاتها ما نصه: “وأضافت الصحيفة في مقال افتتاحي أن هذه الخطوة ضد إلياس كرام (مراسل الجزيرة) هي جزء من حرب تشنها إسرائيل ضد الجزيرة، التي وصفتها هآرتس بأنها “الشبكة التلفزيونية العربية الأكبر والأهم في العالم”.
رسائل شكر وود:
لقد سبق لصحيفة “هآرتس” ومجلة “اليوم” بنسختيهما العبرية، أن نشرت وثائق مهمة تكشف عن حجم التعاون وروح الود بين تل أبيب وشبكة الجزيرة.. بما في ذلك خطابات من نتنياهو نفسه، تتضمن الشكر للقناة القطرية على دورها في بسط وجهة النظر الإسرائيلية.
في هذا السياق، سبق أن أرسل مكتب رئاسة الوزراء في تل أبيب، خطاب شكر لمكتب القناة في الولايات المتحدة الأمريكية، بتاريخ 23 أبريل 2013، ينص على ما يلي: “امتلأت الأجواء الإسرائيلية بنسائم الحزن لما نسمعه من أخبار حول الدعاوى والمطالبات بإغلاق المكتب.. لكننا سعدنا بما قدمتم وما تقدمه شبكة الجزيرة من دعم لدولة إسرائيل”.
ولم يقف الموقف المؤيد لبنيامين نتنياهو “للجزيرة” عند هذا الحد، بل بادر بنفسه للدفاع عن القناة من خلال رسالة وجهها شهر يوليوز عام 2014، يقول فيها: “لا يوجد عيب في إظهار الوجه القبيح للحرب، من حق الجزيرة بث آرائها ونحن مع الديمقراطية وحرية الرأي.. والجزيرة أحد أهم إنجازات العرب الإعلامية وعلينا جميعا دعمها”.
هذا الخطاب، أعقبه خطاب ودي آخر، لا يقل حمولة عن الأول.. حيث أرسل نتنياهو خطابا آخر في دجنبر من نفس السنة جاء فيه: “أوجه كل شكري لما بذلته قناة الجزيرة من جهود مضنية من أجلنا في العالم العربي.. ونَدين لها بالفضل يوميا لما تفعله من حملات تحريض ضد أعدائنا، حماس والجيش المصري ونظام الأسد”.
هي دعوة إذا للمتابع العربي إلى تصحيح زاوية الرؤية في تقييمه للقناة القطرية وفق ما تقتضيه القراءة السليمة والموضوعية وكشف الحقيقة والتي تبقى من صميم المهام النبيلة للعمل الصحفي.
تعليقات
0