تمغربيت:
بقلم الأستاذ: مصطفى البختي
تعتبر الجزائر دولة دكتاتورية في شكل مدني وبتسيير عسكري بسبب احتقار عقلية الثكنات للشعب الجزائري واستهزائه بالدستور والقوانين.. ومن تمظهراتها نهج اللاعقلانية والتعصب واستبعاد مفهوم المعارضة في الحياة السياسية ومصادرة المجال العام.
إضافة إلى هذه الأعطاب، نسجل سوء التدبير والفساد السياسي والمالي لنظام الطغمة العسكرية وحاشيته نتيجة تغلغل اقتصاد الريع.. وهو ما وسع الهوة والفوارق الاجتماعية.. وأدى ذلك إلى تصاعد السخط الشعبي؛ وأصبحت أسطوانته الثورية والمؤامرة والتهديدات الخارجية متآكلة وغير مقنعة لدى الشعب الجزائري.
ولا يزال نظام الثكنات ينهج المؤامرات والدسائس وعتمة الظلم والديكتاتورية على الشعب الجزائري للبقاء في السلطة.. ورفض أية عملية سياسية توافقية في المشهد الجزائري. حيث يطالب الشعب بدولة مدنية وليست عسكرية؛ وتحريره من نظام قاسي ومنغلق على التفاهم والتفاعل ورافض للاختلاف مع بعض مكونات الشعب الجزائري الذي تولد لديه الوعي برفض الديكتاتورية.
لقد اعتاد هذا النظام العسكري الشمولي على استبداده من خلال إخضاع المجتمع الجزائري لسياسته البوليسية وبروباغندا وسائل إعلامه الهلامية.. من أجل السيطرة على مقاليد الحكم بالقوة والعنف والتخويف والمناورة السياسية. فأصبح غير قادر على الخروج من هذا الوضع الديكتاتوري الريعي المتسلط، وهو ما جعل الجزائر حبيسة النشأة الفرنسية.. بنظام غير مستقر سياسيا يعيش على ريع مقدرات الشعب الجزائري؛ وقلق نفسي دائم، وفق استراتيجية غير قابلة للاستمرار.
غياب الشرعية هو غياب لمفهوم الدولة
فكلما افتقر نظام المرادية إلى شرعية شعبية، أصبح فريسة توترات داخلية يستعصي تدبيرها بالأدوات التقليدية.. وبالتالي تجده يلجأ إلى خطاب المؤامرة والتهديدات الخارجية. فالجزائر قبل أن تكون مشكلتها اقتصادية فهي تعاني أزمة سياسية عميقة؛ ومرض النظام المؤسساتي برمته.
من هنا أصبح تصنيف النظام الجزائري كالتالي؛ دولة مدنية شكليا تسيرها طغمة عسكرية لنادي الصنوبر؛ وتسيطر على الحياة السياسية.. ودفعها التمسك بالحكم، إلى تزييف وعي الجزائريين بحقائق السياسة عبر لعبة تبادل الأدوار في السلطة.. من خلال “عسكرة” الفعل السياسي، والتغذي من سياسة المعارضة المؤيدة دائما لنظام متواري فوق مؤسسات الدولة.. ولا يمكنه التنازل عن امتيازاته الخاصة نظرا لسيطرته التاريخية على أغلب مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية وتشابك علاقاتها وفق تقاسم الأدوار وتبادلها.
دولة مدنية بعيدة المنال
وعلى هذا الأساس من الصعب الانتقال إلى نظام مدني في الجزائر؛ في ظل طغمة الثكنات الجزائرية التي تتحكم في دواليب الجزائر.. وتسخر آلتها الوحشية -خارج المراقبة- في أيدي هياكلها الاستخباراتية، لاستخدام التهم المتعلقة بالإرهاب لشيطنة النشطاء السلميين والصحفيين ونزع الشرعية عنهم.. كذريعة لإخفاء قمعها القاسي للنشاط النضالي واسكات المعارضة، بتلفيق تهم الإرهاب، للقمع والترهيب من أجل التشبث بالسلطة يعلم النظام أنها فاقدة للشرعية والمشروعية.. ولو باللجوء إلى القوة والعنف في حق الشعب الجزائري.. من أجل الإبقاء على الوضع القائم كما هو منذ عام 1962.
تعليقات
0