تمغربيت:
إن رصد مؤشرات تقاطع الإيديولوجية الإخوانية مع عقيدة حزب الله يجد ما يبرره في العديد من نقاط التلاقي الفكري والعقدي عند التنظيمين.. مما يفسر عندنا، التطابق على مستوى المواقف المعلنة في الأعوام الأخيرة، وصلت إلى حد إعلان المرشد السابق للإخوان محمد مهدي عاكف في مؤتمر صحافي عقده في نقابة الصحافيين قال فيه “إن الإخوان على استعداد أن يرسلوا أكثر من عشرة آلاف مقاتل لكي يقاتلوا مع حزب الله في جنوب لبنان”. وحتى حين ظن البعض أن عبارة مهدي عاكف هي فلتة من فلتات لسانه الكثيرة أطلقها دون أن يدري أثرها، خرج علينا، سابقا، عصام العريان أحد القياديين المركزيين في الجماعة (توفي داخل السجن بتاريخ 13 غشت 2020) على قناة «المنار» الشيعية ليقول: “باستطاعة الإخوان إرسال أكثر من مئة ألف مقاتل للوقوف كتفًا بكتف مع إخوانهم في حزب الله”.
اغتيال المعارضين من الأسلحة الثابتة في تعامل (الحزب) والإخوان
وبالعودة إلى السياقات التاريخية للتحليل، نجد أن حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان، تأثر بمجموعة من التيارات الدينية الباطنية والتنظيمات السرية العالمية.. قبل أن تتبلور عنده فكرة تأسيس جماعة «الإخوان المسلمين» سنة 1928م. وهنا يقول علي عشماوي، مؤسس تنظيم 1965 أو ما عرف إعلامياً بـ «تنظيم سيد قطب» في كتابه «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين»: «لقد درس الإخوان جميع التنظيمات العالمية حين حاولوا بناء النظام الخاص.. وقد تأثروا جداً بالفكر الباطني في التاريخ الإسلامي، حيث كانت التنظيمات العباسية والعلوية والشيعية، وما صاحبها من فرق سريّة، مصدراً أساسيّاً تم الرجوع إليه ودراسته والاستنارة بالأفكار الحركية في كل تنظيم على حدة.. وفيها أيضاً كانت هناك وقفة شديدة أمام فرقة الحشاشين أتباع حسن الصباح’.. وكان الانبهار من وصولهم إلى حد الإعجاز في تنفيذ آليات السمع والطاعة، وكيف كان الأفراد يسمعون ويطيعون حتى لو طلب منهم قتل أنفسهم» (ص 8)
تنبيه منهجي:
إن التأصيل لبعض الانحرافات العقدية عند حزب الله الصفوي لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يكون تعميماً على جميع أتباع المذهب الشيعي، والذي يرفض أغلبهم الأطروحات التوسعية والهيمنية لحزب الله ويتشبثون بالطرح الوطني والولاء للبلد الذي ينتمون إليه.
وكما أن هناك تيارات متطرفة تحسب عقدياً على التيار السني (القاعدة، النصرة، داعش، الإخوان المسلمين).. فإن هناك تنظيمات متطرفة تحسب على المذهب الشيعي (الحشاشين، حزب الله، حركة أمل، الحشد الشعبي). هذه الأخيرة هي المعنية بسهام النقد من خلال تلاقي أطروحاتهم مع الطرح الفكري والسياسي لجماعة الإخوان.
الإمامة بين حزب الله والإخوان
لن نتطرق هنا للإمامة من وجهة نظر عقدية، على اعتبار أنها تبقى من أصول المعتقد عند الشيعة وركن أصيل من أركان الإيمان. غير أن المذهب الصفوي ومن يسير في فلكه سيعمد إلى تطويع هذا المبدأ، المختلف حوله أصلاً، لينتج لنا مبدأً آخر أطلق عليه “ولاية الفقيه” وهي الولاية التي تقوم مقام “صاحب الزمان” إلى حين رجوعه من غيبته الكبرى. ويعتبر الولي الفقيه “نائب” المهدي المنتظر والقائم مقامه في تدبير شؤون العالم.
لكن السؤال المطروح: ما علاقة الطرح المرتبط بـ “ولاية الفقيه” بالأطروحة الإخوانية التي تدعي انتماءها إلى مدرسة أهل السنة والجماعة والتي تجعل من الإمامة فرعاً من فروع العقيدة لا أحد أصولها؟
إن الجواب على هذا السؤال يحيلنا على الصورة التي رسمها الإخوان على «إمامهم» حسن البنا، بل والصورة التي رسمها هو عن نفسه.. والتي ترفعه إلى منزلة شبيهة بمنزلة الإمام المعصوم، حيث يعتبرون إمامهم ملهماً بَلَغَ من درجات الكمال الخِلقي والخلقي ما جعلهم يزعمون أنه لم يقع في خطأ قط في حياته، حسب ما صرح به نجله أحمد سيف الإسلام حسن البنا في حوار له بجريدة “المصري اليوم”.. يتبع
تعليقات
0