د. الصنايبي يكتب: حزب الله الصفوي.. تاريخ من الاغتي.ـالات 7/30

الأحد 20 أكتوبر 2024 - 14:34

تمغربيت:

د, عبد الحق الصنايبي

بين الجمهورية الإسلامية العالمية و  “أستاذية العالم”

“مشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره، كوننا مؤمنين عقائديين، هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام وأن يكون لبنان، ليس جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الوليُّ الفقيه الإمام الخميني». (الهالك حسن نصر الله)

لم يعد سراً الطموح التوسعي لإيران من أجل السيطرة على جميع الدول العربية والإسلامية في أفق تحقيق حلم إخضاع العالم ككل لسلطة الولي الفقيه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. وتجسد هذه الرؤية “الكونية” مجموعة من الأحاديث التي “تُنسب” إلى الأئمة “المعصومين”، يُروى في أحدها: “إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر، رفع الله تبارك وتعالى له كلَّ منخفض من الأرض، وخفّض له كلَّ مرتفع، حتّى تكون الدُّنيا عنده بمنزلة راحته، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها”. (بحار الأنوار ج52 ص 126).

نفس الطرح، إلى حد بعيد، نجده عند حسن البنا الذي نادى بعالمية الدعوة وآمن بها واعتبرها قطب الرحى في بنائه الفكري والعقدي، حيث يقول في مذكراته: “أما العالمية أو الإنسانية، فهي هدفنا الأسمى وغايتنا العظمى وختام الحلقات في سلسلة الإصلاح.. والدنيا سائرة إلى ذلك لا محالة، وهي خطوات، وإن أبطأ بها الزمان، فلا بد أن تكون، وحسبنا أن نتخذ منها هدفاً، وأن نضعها نصب أعيننا مثلاً، وأن نقيم هذا البناء الإنساني، وليس علينا أن يتم البناء، فلكل أجل كتاب”

من هنا نرى أن إخضاع العالم لحكم الإخوان، هو أصل البناءات الفقهية للجماعة واللبنة التي يختمون بها حلم التمكين للوصول إلى ما يصطلح عليه في أدبيات الإخوان بـ  “أستاذية العالم”

التقية السياسية:

على هذا المستوى، يصعب ضبط التوجه السياسي والعقدي لجماعة الإخوان وحزب الله على السواء. فحزب الله يزعم أنه حزب وطني يملك أجندة وطنية ويملك سلاحاً موجهاً للكيان الصهيوني وتحرير فلسطين، في الوقت الذي نرى أن هذا التنظيم الإرهابي قام بتوجيه سلاحه لكل من عارضه بل ووجهه للدولة اللبنانية من خلال استهداف عناصرها ورموزها ووصل إلى حد احتلال عاصمتها السياسية بيروت، وإملاء شروطه على باقي الفرقاء السياسيين، كما أصلنا سابقاً.

إن حزب الله، الذي ينتمي للمذهب الجعفري الاثني عشري، يرى في “التقية”، ليس استثناء في تعامل المسلم مع الآخر في ظروف القهر والإكراه.. وإنما يعتقد أنها جزء من العقيدة يمكن استعمالها كلما كانت تخدم الأهداف العقدية والسياسية للتنظيم.

على نفس النهج، تبنى الإخوان “عقيدة التقية” منذ نشأتهم؛ ففي الوقت الذي كان حسن البنا ينادي بأن جماعته دعوية واجتماعية فقط، كان “المرشد” يخطط ليل نهار من أجل تحقيق الدولة الإخوانية التي جعلت حدودها هي حدود العالم أجمع، فيقول: «ترمي (أي الدعوة الإخوانية) إلى تحرير كل شبر في الأرض يردد لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأخيراً نشر الإسلام ورفع راية القرآن في كل مكان حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله». (مذكرات الدعوة والداعية ص 307).

استخدم الإخوان التقية كسلاح للتوغل والانتشار وأعلنوا الولاء للملك فؤاد “تقيّة” وتحالفوا معه من أجل ضرب باقي القوى السياسية.. والانفراد بالمؤسسة الملكية في أفق توجيهها ومن ثم تحييدها والقضاء عليها. وهذا ما كان، حيث إنه، وفي الوقت الذي كان فيه حسن الهضيبي في سرايا عابدين مع الملك فاروق يعلن له الولاء وبداية عهد جديد في العلاقة بين القصر والإخوان، كان القيادي الإخواني صالح أبو رقيق وصلاح شادي ومنير الدلة مع جمال عبدالناصر يخططون للانقلاب على الملك، وهو ما حدث فعلاً مع “انقلاب” الضباط الأحرار ليلة 22/23 يوليو 1952.

هذا كان حال الإخوان مع رأس النظام ورموز الدولة، بل وصلت “الوقاحة السياسية” بالإخوان إلى وصف رئيس الوزراء إسماعيل صدقي باشا، والذي كان عميلاً للإنجليز بامتياز وقام بالتنكيل بالشعب المصري، بأنه الرجل الصالح الذي يُتبرك باسمه من خلال تلاوة القرآن الكريم، حيث يذكرون قوله تعالى «واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيّاً».

ومن مظاهر التقية عند الإخوان، قيامهم بإنكار جميع جرائم الاغتيال والتفجير التي قامت بها الجماعة رغم القرائن القوية التي كانت تورطهم في هذه العمليات الإرهابية، الشيء الذي دفع مرشد الإخوان، بعد محاصرته بالدلائل والحجج حول تورط أتباعه في حمام الدم في مصر، إلى إطلاق مقولته الشهيرة “ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين”، في محاولة منه لتخفيف القبضة الأمنية على الجماعة.

اغتيال المعارضين

يظل سلاح اغتيال المعارضين، من الأسلحة الثابتة في تعامل حزب الله والإخوان المسلمين مع كل من يعارضهم ولو بالقلم أو بالكلمة. وهنا نحيل القارئ الكريم إلى «الملف الأسود» الذي كرسته «الرياض» للتاريخ الدموي لجماعة الإخوان المسلمين والذي يؤكد بالملموس كيف لجأ الإخوان إلى لغة القنابل والمسدسات من أجل حسم صراعاتهم السياسية مع باقي القوى أو مع رموز النظام في كل من مصر وسورية والجزائر وغيرها من الدول.

وكما سنعرض في القادم من الحلقات، لجوء حزب الله إلى سلاح الاغتيالات من أجل حسم الصراع السياسي مع باقي الفرقاء، كما سنرى، وتبقى أخطرها على الإطلاق عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري يوم 14 فبراير من سنة 2005.

هذا ويتطلب حصر نقاط الالتقاء بين مشروع الإخوان المسلمين ومشروع حزب الله، مجالاً أكبر لتأصيلها ورصدها من جميع جوانبها وتمظهراتها.

تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Google News تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من تمغربيت على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 8 مارس 2025 - 01:00

عبد الإله “مول الحوت” يتهم أحد الشناقة ب “محاولة قتله”

الأحد 2 مارس 2025 - 21:02

سير آولدي عبد الإله الله يرضي عليك.

الجمعة 14 فبراير 2025 - 09:29

هل ستنسحب حماس من قطاع غزة ؟؟

الأحد 2 فبراير 2025 - 10:24

الدافري يكتب: هذه مجرد وثيقة بسيطة أيها الذباب