تمغربيت:
بقلم الأستاذ: أحمد الدافري
وزير الداخلية في الحكومة الفرنسية السابقة، جيرالد دارمانان، الذي هو من أصل جزائري.. قبل أن يسلم السلطة أول أمس الاثنين لوزير الداخلية في الحكومة الجديدة، داخل مقر الوزارة.. خاطب في تصريح أمام الصحافة الوزير الجديد باسمه الشخصي والعائلي وقال : “السيد وزير الداخلية، العزيز برونو روطايو..”.
لكنه لم يذكر الاسم الشخصي والعائلي للوزير المنتدب الجديد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن اليومي.. ولا الاسم الشخصي والعائلي لكاتب الدولة الجديد لدى وزير الداخلية المكلف بالمواطنة وبمكافحة التمييز.
أسباب التجاهل
لأنه لو فعل ذلك، وقام بذكر اسم هذا الأخير، المسمى عثمان نصرو، الذي هو فرنسي وحامل أيضا للجنسية المغربية.. لكان ربما سيشعر بتناقض صارخ في الخطاب الذي جاء ليمرره أمام الصحافة وهو يخاطب الفرنسيين عن الميز العنصري الذي يوجد في فرنسا.
نعم.. لقد جاء وزير الداخلية الفرنسي السابق، ذو الأصل الجزائري، حاملا في خطابه التوديعي رسائل أراد أن يبعثها للحكومة الجديدة.. نستشفها من توجيهه الخطاب لوزير الداخلية الجديد قائلا بنبرة متأسفة بعد ست دقائق ونصف من الكلام العاطفي:
“اسمي جيرالد موسى جون دارمانان. والدي في جناح الولادة بمدينة فالونسيين.. كان يريد أن يكتب موسى دارمانان نسبة إلى جدي القناص الجزائري الذي خدم فرنسا. (…).. بصدق، لو كنت سُميت موسى دارمانان، ما كنت أكون عمدة ونائبا برلمانيا، وبدون شك، ما كنت أكون وزيرا للداخلية….”
وزير الداخلية السابق هذا، يعترف، أن فرنسا التي قال في خطابه أنه يحبها.. والتي كان جده يقنص الرؤوس في الحروب خدمة لها، وربما أنه قنص رؤوس جزائريين من أجلها.. ما كانت تسمح له أن يكون عمدة لمدينة توركوان في شمال فرنسا، ولا أن يكون نائبا برلمانيا، ولا وزيرا للحسابات العامة قبل أن يصبح وزيرا للداخلية.
الوجه الآخر لفرنسا حسب جيرالد دارمانان
لقد كان محظوظا هذا الوزير، لأن والده لم يسمه موسى. فهذا الاسم كان سيحول دون تمكينه من الوصول إلى السلطة في فرنسا، كي يتحكم في الشرطة، وفي الدرك، وفي عناصر الإطفاء والوقاية المدنية..
كلام وزير الداخلية الفرنسي السابق هذا، اعتبره الكثير من الفرنسيين خارج إطار الصواب.. وحجتهم في ذلك أنه حين كان يتلفظ بذاك الكلام، كان يوجد واقفا على يمينه في الخلف، شاب اسمه عثمان نصرو، حامل للجنسية المغربية والفرنسية.
وُلد عثمان نصرو في الدار البيضاء يوم 13 يوليوز 1987، تلقى تعليمه الثانوي في الدار البيضاء وأكمل دراسته العليا في فرنسا.. وتخرج من المدرسة العليا للدراسات التجارية بباريس سنة 2012، وهي السنة نفسها التي حصل فيها على الجنسية الفرنسية، وبدأ مساره السياسي سنة 2014 بالمشاركة في الانتخابات المحلية. وتم انتخابه مستشارا بلديا في مجلس مدينة تراب TRAPPES عن اتحاد الديمقراطيين والمستقلين، قبل أن يتم انتخابه عضوا في مجلس جهة إيل دو فرونس في 13 ديسمبر 2015، ويعاد انتخابه نائبا أول لرئيس المجلس نفسه في 10 يوليوز 2020، وها هو اليوم كاتب الدولة لدى وزير الداخلية في الحكومة الفرنسية، مكلف بالمواطنة ومكافحة التمييز.
نعم. يمكنك أن تحافظ على اسمك وعلى هويتك، وأن تكافح وتناضل التمييز كي تشق طريقك في بلاد المهجر.. وتصل إلى مراتب عليا، كما يمكنك أن تتخلى عن اسمك وتغير هويتك خوفا من التعرض للتمييز، وسعيا للوصول إلى السلطة في بلد المهجر.
هذا هو الفرق بين الجزائري دارمانان موسى والمغربي نصرو عثمان.
وهذا ما كان.
تعليقات
0